viper16 مدير عام
عدد المساهمات : 39 تاريخ التسجيل : 23/12/2010 العمر : 33 الموقع : مسقط
| موضوع: أبطال سقطوا من ذاكره التاريخ الخميس ديسمبر 23, 2010 8:23 am | |
| الاخوه الاعزاء تحيه طيبه وبعد
قراءت خلال الفتره الماضيه عده مقالات عن ابطالنا العرب والمسلمون والذين حكموا واناروا العالم لفتره طويله من الزمان بنور الاسلام و بالعدل الذي امرهم به الاسلام ووجدت ان كثير من هؤلاء الابطال لا اعرفهم رغم قراءتي الكثيره جدا ووجدت ان التاريخ الاسلامي الذي ندرسه قد نساهم او الاصح انه قد تناساهم عن عمد واحببت ان انقل لكم بعض من هذه المقالات وهي منشوره علي موقع مفكره الاسلام تحت باب ذاكره الامه .
أبطال سقطوا من الذاكرة [1] مؤسس دولة المرابطين
مفكرة الإسلام : إن فخر كل أمة ومصدر عزها بعد ربها يكمن في الترجمة العلمية لعقيدة هذه الأمة والتي تظهر وتتضح في صورة رجال قاموا بأدوار في خدمة دينها وأمتها وعقيدتها وإننا لنرى أمم تعيش على ذكريات أبطال محليين ينسجون عنهم الكثير من الأساطير والأكاذيب من أجل رفع شأنهم بين أبطال الأمم الأخرى ليتباهوا بهم وتصير ذكراهم بعد ذلك أعيادًا رسمية بل مقدسة عندهم وإن في أمة الإسلام رجالاً وأبطال سطروا صحائف من نور بدمائهم وأرواحهم وجهدهم وعرقهم من أجل خدمة الدين والأمة وحفظ لهم التاريخ ذلك ولكنهم وللأسف الشديد سقطوا من ذاكرة المسلمين فلم يعرفهم وتاهوا في طي النسيان والغفلة، هذا رغم أننا نرى الأمم من حولنا في كل يوم تخرج علينا باحتفالية جديدة لقزم من أقزامهم أو مجرم من مجرميهم لا عمل له صالح إلا أن محاربته للإسلام كانت سر شهرته نذكر منهم 'رولان الفرنسي' الذي قتل في حربه ضد المسلمين وخلد الفرنسيون ذكراه بأنشودة رولان الشهيرة في الأدب الفرنسي، ومنهم 'شارل مارتن' قائد الصليبيين الذي انتصر على المسلمين في معركة بلاط الشهداء سنة 114هـ عند حدود فرنسا والذي صار من يومها قديسًا، ومنهم 'رودريجو دي بيبار' أو السيد 'الكمبيادور' الأسباني الذي قضى حياته في محاربة المسلمين في الأندلس والذي نسجوا عليه الكثير من الأكاذيب والأباطيل حتى صار بطل أسبانيا القومي حتى الآن رغم أنه كان قاطع طريق ولص ولا يهمه سوى الأموال، ومنهم 'لويس التاسع' ملك فرنسا الذي قاد حملتين فاشلتين وهما الحملة الصليبية السابعة على دمياط وفشل ووقع في الأسر ثم قاد الحملة الصليبية الثامنة على تونس وفيها فشل وقتل فصار بطل فرنسا القومي وأعطي لقب قديس، وهكذا نرى الأمم من حولنا ترفع رجالها ليرفعوها. وفي هذا الباب من أبواب ذاكرة الأمة نعيد اكتشاف هؤلاء الرجال والأبطال ونحي ذكراهم مرة أخرى آملين أن يأجرنا الله عز وجل.
الفقيه عبد الله بن ياسين الجزولي مؤسس دولة المرابطين عندما فتح المسلمون بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه مصر سنة 20هـ كان ذلك إيذانًا بطور جديد من أطوار الجهاد والدعوة وفتح أرض جديدة خصبة لنشر الإسلام ألا وهي بلاد المغرب العربي الممتدة من غرب بلاد مصر من برقة حتى ساحل بحر الظلمات أو المحيط الأطلنطي كما كانوا يسمونه وكانت تلك المناطق الشاسعة المترامية الأطراف يسكنها قبائل البربر وينقسمون إلى قسمين: قبائل البرانس الكبرى وهم بربر الحضر الذين يسكنون السهول وأعظم قبائلهم 'قبيلة صنهاجة'؛ والنوع الثاني: قبائل البُتر وهم بربر الصحراء في جنوبي المغرب والسودان فيما يعرف الآن بدولة 'موريتانيا' وكانوا مقاتلين أشداء ممتازين وأشهر هذه القبائل قبيلة 'لمتونة'. وكانت القبائل البربرية تدين بالمجوسية حتى جاء الإسلام وانتشر بينهم بفضل رجال أمثال عقبة بن نافع وأبو المهاجر دينار وحسّان بن ثابت وموسى بن نصير ولكن بقيت قبائل بربر الصحراء بعيدة عن الإسلام حتى فتح الأندلس فذاع صيت الإسلام في كل مكان وكان ملك قبيلة 'لمتونة' اسمه 'تيولوثان بن تيكلان' فدخل في الإسلام وحارب القبائل الوثنية ونشر بينهم الإسلام وجاء أولاده من بعده فقاموا بنفس الدور حتى وصلت رئاسة القبيلة إلى الأمير 'يحى بن إبراهيم' الذي حارب الوثنيين في غرب أفريقيا 'السنغال/غانا' ونشر الإسلام بينهم حتى سنة 427هـ عندما قرر أن يقضي فريضة الحج فترك الرئاسة لولده إبراهيم ثم اتجه للحج. وفي رحلة الحج تأثر 'يحي بن إبراهيم' بما رآه وقد رأى أن قومه البربر في جهل شديد بالإسلام وأصوله وتعاليمه وأثناء عودته مر في الطريق على مدينة القيروان منارة العلم في المغرب العربي وقتها والتقى بالفقيه أبي عمران الفاسي شيخ المالكية وشكا إليه من جهل قومه وطلب منه أن يرسل معه فقيهًا من تلاميذه لتثقيف البربر فبعث كتابًا إلى تلميذ من تلاميذه بالسوس الأقصى وهو 'أبو محمد واجاج اللمطي' وكان فقيهًا ورعًا يدرس العلم لتلاميذه في رباط خاص به فلما وصل 'يحي' إليه قرأ الرسالة على تلاميذه فاستجاب للدعوة الفقيه 'عبد الله بن ياسين الجزولي' وكان من أنبه تلاميذه وأكثرهم علمًا وورعًا فرحل مع 'يحي' حتى وصل الصحراء حيث البربر.
عبد الله بن ياسين: كان عبد الله بن ياسين الجزولي فقيهًا شديد الورع غزير العلم والغيرة على تعاليم دين الإسلام وكان فوق ذلك خطيبًا موهوبًا قوي التأثير يجيد اللغة العربية والبربرية أيضًا وكان قد رحل إلى الأندلس لطلب العلم وأمضى بها عدة سنوات ورأى دولة الطوائف وما أصاب الإسلام على أيديهم وبسبب بعدهم عن الدين، وعندما وصل 'عبد الله بن ياسين' الصحراء وجد أن البربر بأعداد ضخمة ومهولة وأيضًا في قمة الجهل والبعد عن الدين فأخذ في نشر تعاليم الدين بينهم وأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر واشتد عليهم في ذلك لشيوع المنكرات والعادات المخالفة للإسلام مثل الزواج بأكثر من أربع فلم يقبل البربر نصح 'عبد الله بن ياسين' وأعرضوا عنه. السياسية التربوية لـ 'عبد الله بن ياسين' عندما رأى 'عبد الله بن ياسين' إعراض البربر عن نصحه ودعوته قرر وصديقه وتلميذه الوفي 'يحي بن إبراهيم' على نبذ أولئك البدو الجهلة والانقطاع عنهم إلى العبادة والزهد في جزيرة نائية بنهر النيجر وانضم إليهم سبعة رجال من قبيلة 'كدالة' ومعهم 'يحي بن عمر' من رؤساء 'لمتونة' وبنوا بالجزيرة مسجدًا ورباطا للعلم والعبادة وما لبث أن اشتهر أمر هذا الرباط ووفد إليه كثير من أشراف 'صنهاجة' ممن آثروا الزهد والعبادة فأخذ 'عبد الله بن ياسين' في تثقيفهم وتربيتهم أخلاقيًا وسلوكيًا ودينيًا وأخذ يعلمهم الكتاب والسنة ويعظهم بالجنة والنار ويربيهم على معاني الجهاد في سبيل الله ويذكرهم بعاقبة الشهادة في سبيل الله ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر؛ أي أن 'عبد الله بن ياسين' اتبع مع تلاميذه سياسة تربوية شاملة تقوم على: [1] تربية إيمانية. [2] تربية أخلاقية. [3] تربية سلوكية. [4] تربية تحفيزية 'وعظية'. [5] تربية دعوية. [6] تربية جهادية. [7] تربية عقائدية 'الولاء والبراء'.
وسميت هذه الفرقة بفرقة المرابطين أي الملازمين للرباط الذي أقامه 'عبد الله بن ياسين' الذي كان يشعر في داخله بضرورة وحتمية إقامة دولة الإسلام بين قبائل البربر المتخلفة تلك الدولة التي تحكم بشرع الله وبالكتاب والسنة فعندما بلغ عدد المرابطين ألف وتأكد 'عبد الله بن ياسين' من سلامة تربيتهم وأنهم على استعداد لتطبيق ما تعلموه؛ دعاهم للمرحلة الأخطر.
جهاد عبد الله بن ياسين: بعد أن بلغ عدد المرابطين ألفًا دعاهم 'عبد الله بن ياسين' إلى خطوة عملية فبعثهم إلى أقوامهم لينذروهم ويطلبوا إليهم الكف عن البدع والضلالات وتحكيم شرع الله ففعلوا ذلك ولكنهم وجدوا الإعراض من أقوامهم فعاد 'عبد الله بن ياسين' للجوء لإعلان الجهاد على هؤلاء الضلاَّل. * أولا: معاركه كانت مع قبيلة 'كدالة' سنة 434هـ فانتصر عليهم وأسلمت القبيلة من جديد. * ثم حارب قبيلة 'لمتونة' وضيق عليهم حتى أذعنوا للطاعة وبايعوه على الشريعة. وهكذا تعاقب خضوع قبائل 'صنهاجة' الواحدة تلو الأخرى حتى خضعوا جميعًا لهم وزادت قوة وسلطان 'عبد الله بن ياسين' الروحية على قبائل بربر الصحراء وصارت الرئاسة لـ'يحي بن إبراهيم' الذي ما لبث أن توفي فخلفه 'يحي بن عمر' أخلص تلاميذ 'عبد الله بن ياسين' وأكثرهم طاعة له وكان 'عبد الله بن ياسين' يحبه ويقدره حتى أنه ذات مرة جلده عشرين سوطًـا لأنه باشر القتال بنفسه مع جنده وهو الأمير الذي يجب المحافظة عليه للصالح العام. * انضم لجماعة المرابطين الفتية الكثير من المسلمين الناقمين على فساد بلادهم وحكامهم وبعدهم عن الدين ففي سنة 444هـ بعث فقهاء مدن 'سجلماسة' و'درعة' بكتبهم إلى 'عبد الله بن ياسين' و'يحي بن عمر' يشكون من ضروب الظلم والطغيان والخروج عن أحكام الإسلام ويدعونهم إلى إنقاذ المسلمين من هذا النير المرهق وعندها خرج المرابطين يقودهم 'عبد الله بن ياسين' في حشد كبير ضخم وتوجهوا إلى مدينة 'درعة' فاستولوا عليها وأخرجوا الطغاة منها وأمر 'عبد الله بن ياسين' بإزالة المنكرات ورفع المكوس الجائرة وعيّن عليها حاكمًا من المرابطين وأمره بالتزام شرع الله عز وجل. * توجه 'عبد الله بن ياسين' والمرابطين بعدها إلى الجنوب حيث غانا والسنغال فاستولوا على عدة مدن سنة 446هـ ونشروا الإسلام وفي 447هـ توفي الأمير 'يحي بن عمر' فتولى الأمر مكانه وقرر مع 'عبد الله بن ياسين' فتح كل بلاد المغرب. * توجه 'عبد الله بن ياسين' إلى قتال الروافض بقايا الدولة الخبيثة الفاطمية زورًا 'العبيدية' بمدينة 'فارودنت' وكانت تعاليم الرافضة بتلك البلد كلها إلحاد وإباحية وزندقة فانتصر 'عبد الله بن ياسين' عليهم واسلموا من جديد على مذهب أهل السنة والجماعة. * استشهاد 'عبد الله بن ياسين': كان 'عبد الله بن ياسين' منذ أن أعلن حركته الجهادية من سنة 434هـ وهو يركز على أمر واحد وهو محاربة أعداء الإسلام من الفرقة الضالة والمبتدعة والملاحدة والزنادقة والإباحيين. وكان من أشهر القبائل الضالة المارقة بالمغرب هي قبائل 'برغواطة' وتقع بأقصى جنوب المغرب على حدود المحيط الأطلسي 'موريتانيا' وكانت تدين بمذهب الإباحية الذي أسسه رجل يهودي الأصل يدعى 'صالح بن طريف الأندلسي' في القرن الثاني من الهجرة وقد استغل غباوة وجهالة أهل تلك البلاد فادعى النبوة وشرع لهم شرعًا جديدًا أساسه الإباحية فتبعه كثير من الهمج الرعاع حتى صاروا قبائل كبيرة وقرر 'عبد الله بن ياسين' محاربة هؤلاء الكفرة فقاد جيوش المرابطين لمعركة طاحنة مع قبائل 'برغواطة' وفي أثناء المعركة أصيب 'عبد الله بن ياسين' إصابات بالغة قاتلة وقبيل وفاته جمع أشياخ المرابطين وحثهم على الاتحاد والثبات ومواصلة الجهاد ونشر الدين وحذرهم من عواقب التفرقة والتحاسد في طلب الرياسة واستشهد 'عبد الله بن ياسين' هذا الفقيه المجاهد منشئ دولة من أعظم دول الإسلام في المغرب وسيكون لها أعظم الدور في الأندلس في 24 جمادى الأولى سنة 451هـ ودفن في مكان يعرف بـ'كريفلة' وما زال قبره معروفًا حتى الآن، وقبل وفاة 'عبد الله بن ياسين' أوحى للمرابطين بتأمير 'أبي بكر بن عمر اللمتوني' عليهم وكأنه ينصح للأمة قبل وفاته وكان نعم الاختيار كما أثبتت الحوادث والأيام.
كان 'عبد الله بن ياسين' فقيهًا شديد الورع والتقشف شديد الحمية والغيرة على تعاليم الإسلام داعية من طراز فريد جدًا استطاع أن يدخل صحراء شاسعة مترامية الأطراف وحده وعلى أمم كثيرة وكبيرة في غاية الجهل والبعد عن الدين ولا تتحدث العربية فكون منهم أمة قوية مترابطة قامت على أساس ديني وعقائدي قوي وأصبح البربر قوة حركية تعمل على خدمة الإسلام ويكفي أن تعرف أن الإسلام انتشر في وسط وغرب أفريقيا عن طريق تلك الحركة المباركة التي يرجع الفضل لإنشائها وتكوينها بعد فضل الله للفقيه 'عبد الله بن ياسين الجزولي'.
أبطال سقطوا من الذاكرة [2] المنصور بن عامر المنتصر دائمًا * مقدمة: مفكرة الإسلام : سيظل تاريخ الأندلس معينًا لا ينضب وواديًا لا يجدب من كثرة ما فيه من الدروس والعبر والأخبار الطوال ودولة الإسلام في الأندلس لهي أطول دول الإسلام مدة فقد استمرت طيلة ثمانية قرون خلالها برز العديد من الرجال والأبطال والقادة الذين كانوا وقتها ملء السمع والبصر وظلت أخبارهم تتردد في جنبات الأندلس لعصور متعاقبة ولكنهم وللأسف طوت أخبارهم وإنجازاتهم غير المسبوقة في خدمة الإسلام من ذاكرة المسلمين الآن ووجب علينا أن ننفض عنها الغبار عن تاريخ وأخبارهم المسلمون الآن.
* من هو المنصور: هو 'محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي عمار المعافري' جده من الداخلين الفاتحين الأوائل وكان من الأبطال الشجعان فنزلت أسرة بني عامر بالجيزة الخضراء وأسرة بني عامر من أعرق الأصول العربية، ونشأ محمد في بيت علم ودين فأبوه عبد الله كان من أهل العلم والتقي عالماً بالحديث والشريعة وتأثر محمد بذالك فطلب العلم من صغره وأنتقل إلي قرطبة وهو حدث ودرس علي علمائها الكبار الأدب والشريعة ومنهم أبو علي القالي وابن القوطيه وأبو بكر بن معاوية القريشي، أما عن صفاته فقد كان ذكياً طموحاً قوي العزم متعدد المواهب سخي اليد كريم النفس ولكن أبرز ما يميزه حتى صار قدوه هائلة في هذا الباب هو همته العالية التي تناطح السحاب طولاً وتملأ الأرض عرضاً فلم يعلم من قادة المسلمين ونبلائهم من هو أشد منة همة وطموحاً إلا ما كان من رجال القرن الأول رضي الله عنهم وأرضاهم
* سلم النجاح: * المتأمل لترقي المنصور ابن عامر في سلك القيادة والمناصب يرى عجب العجاب فالمنصور أول ما قام به وهو شاب صغير أن افتتح مكتباً بجوار قصر الخلافة لكتابة الشكاوى المرفوعة للخليفة الأموي وذلك للإنفاق على تعليمه بقرطبة وهذا العمل الصغير مكنة من الاتصال بأهل القصر من الخدم والحراس وغيرهم والذي نقلوا أخباره إلي سادة القصر خاصة السيدة [صبح] أم ولي العهد و[هشام المؤيد] فعهدت إلية بعدة وظائف كتابية، وهذا مهد إلية السبيل لئن يتصل بالخليفة الحكم بن عبد الرحمن الذي أسند إلية مهمة الإشراف على أملاك ولي العهد [هشام] ثم إدارة الخزانة العامة ودار المواريث وغيرها من المناصب العامة لما رأى من عزمه وطموحه وتفانيه في العمل، وكان عمر المنصور وقتها لم يتجاوز السابعة والعشرين فلقب 'بفتي الدولة' وذلك بفضل مواهبه وإمكاناته الباهرة . * ظل المنصور مضطلعاً بالمناصب الهامة والأعمال الجسيمة في الدولة وهو محط أنظار الجميع لرفيع خلاله وجميل صفاته والقلوب حوله مؤتلفة ولكنة قام بعمل كان هو الأعظم في هذه المرحلة من حياته حيث استطاع بقوة عزمه وسرعة تصرفه أن يقضي علي مؤامرة دبرت من جانب بعض الصقالبة الموالي بالتعاون مع بعض الأمويين؛ وكانت تهدف تلك المؤامرة إلى قتل الخليفة الجديد [هشام المؤيد] وتعيين عمه 'المغيرة' وذلك سنة 366هـ فحفظ بذلك دولة الخلافة من السقوط في دائرة الصراعات الداخلية التي عادة تعصف بأساس أي ملك ثابت مهما كانت قوته وثباته .
* رجل الأندلس القوى: * ارتفعت مكانة المنصور ابن عامر في الأندلس بعد دوره الرائع في إنقاذ الخلافة من هوة الصراعات والخلافات الداخلية فقام الخليفة 'هشام المؤيد' بتعينه وزيراً للدولة الأندلسية وأصبحت مسئوليات المنصور بن أبى عامر أعظم مما سبق بكثير وهذا جعله يفكر ملياً في وضع الأندلس ويحاول خدمة دولة الإسلام بها وذلك بعد أن أتضح له عدة أمور منها:- أولاً:- ضعف شخصية الخليفة الجديد 'هشام المؤيد' وعدم صلاحيته لهذا المنصب الخطير خاصة أنه صغير السن مشتغل باللهو واللعب مع أقرانه. ثانياً:- زيادة الأخطار المحدقة بالمسلمين والآتية من ناحية الشمال حيث أسبانيا النصرانية خاصة بعد أن تنفسوا الصعداء بموت الخليفة القوى عبد الرحمن الناصر الذي خضد شوكتهم سنوات طويلة . ثالثاً:- ظهور بوادر لانقسامات داخلية خطيرة في دولة الإسلام بالأندلس؛ وذلك لزيادة العصبيات القبلية وكثرة الطامعين من ولاة الأقاليم المترامية في الانعزال والاستقلال عن جسد الدولة الأم . رابعاً:- فساد بعض رجال الحكم والوزارة أمثال 'جعفر المصحفي' وولده محمد الذي كان يتولى رئاسة الشرطة وفي عهدهما انتشر الفساد والفسق وأختل الأمن واضطربت الأمور. خامساً:- زيادة نفوذ الصقالبة الموالي وهم في الأصل عبيد عند الخليفة 'الناصر' اشتراهم واصطفاهم في الحراسة والجند والجيش وترقوا حتى صاروا قوة كبيرة يخشى بأسها وقد زاد نفوذها داخل قصر الخلافة حتى أنهم هموا بالانقلاب علي الخليفة 'المؤيد' عدة مرات. كل هذه الأسباب دفعت 'المنصور أبي عامر' لأن يمعن التفكير والترتيب في كيفية مواجهة كل هذه الأخطار المحدقة وفي النهاية قرر أن يتحرك وبسرعة لمواجهة هذه الظروف العسيرة وأن يأخذ زمام المبادرة بنفسه فقام بالخطوات الآتية: [1] قام بحجز الخليفة الصوري الصبي 'هشام المؤيد' بقصره واستقل هو بتدبير الأمور وتولي لقب الحجابة- تلقب بالحاجب المنصور- وهذه الخطوة وإن كانت سبب نقمة كثير من الناس على المنصور إلا أنها في واقع الأمر كانت أهم خطوة لأن غياب القائد الموجه والرأس المدبر يجعل كل الجهود تذهب هباءًا منثورًا وسنرى أن المنصور لم يستخدم سلطانه إلا لخدمة الإسلام. [2] بعد أن أصبح المنصور هو الحاكم الحقيقي للأندلس قام بعزل الوزير 'جعفر المصحفي' وولده 'محمد' وحاسبهما على أموالهما الطائلة من أين جاءت وكيف تضخمت؟ وأسفر التحقيق عن كثير من الانحرافات لدى الوزير 'المصحفي' الذي زج بالسجن وقضى فيه نحبه وانتهى عصر الفساد معه. [3] أما الصقالبة الأشداء فقد شعروا بأن المنصور يعمل على سحق نفوذهم فقرروا القيام بمبادرة وانقلاب سريع واجتمعوا على قائد لهم اسمه 'درسي' ولكن 'منصور' اليقظ كان أسرع منهم فقبض على قادة التمرد وحاكمهم بشدة وفرق شملهم ووزعهم على الأقاليم حتى لا يعودوا للتجمع والتذمر. [4] أما الطامعين من رجال الدولة وولاة الأقاليم البعيدة والعصبيات العربية القديمة والموروثة منذ أيام الفتح الأول إضافة إلى التهديد الخارجي المتمثل في أسبانيا النصرانية المتربصة والتي قامت بالفعل بالهجوم على ديار المسلمين وذلك في شهر رجب 366هـ كلا الخطرين رأى 'المنصور' أن يواجههم بأفضل الأساليب على الإطلاق وهو شرارة الحملات الجهادية وبذلك يرد عادية الصليبيين وفي نفس الوقت يشغل هؤلاء الطامعين من الولاة بقضية إسلامية ويوجه طاقتهم لحرب أعداء الإسلام وكانت هذه الحملات هي أنجح الحملات الجهادية التي قام بها مسلمو الأندلس ضد أسبانيا الصليبية طوال عمر دولة الإسلام في الأندلس على طول عمرها 'ثمانية قرون'.
* المنتصر دائمًا: * منذ أن أطلق 'المنصور بن عامر' شرارة الحملات الجهادية ضد أسبانيا سرت روح جديدة في قلوب المسلمين واشتعلت الحمية في قلوبهم فتقاطر المجاهدون المتطوعين على الأندلس من كل مكان، وخاض 'المنصور' أكثر من خمسين معركة ضد الصليبيين انتصر فيها جميعًا ولم تنكس له راية أبدًا حتى سرى الاعتقاد بين كل الناس مسلمهم وكافرهم بأن 'المنصور' مؤيد من السماء، والحق أن 'المنصور' قد اعتمد في سياسته الجهادية على أسلوب الغزوات المستمرة المتعاقبة والذي كان يرمي من خلاله إلى غاية بعيدة المدى لم يفكر فيها أحد من قبله من أمراء الأندلس أو لم يقدروا عليها وهي سحق الممالك الأسبانية الصليبية سحقًا تامًا وأن يفكك عراها التي بدأت في الالتحام والترابط وبالتالي يجعل أسبانيا النصرانية كلها أرض مسلمة وكانت معظم حروب المسلمين من قبل 'المنصور' للدفاع ورد عادية النصارى فلما جاء عهد 'المنصور' كان هو البادئ بالغزو دائمًا ولم يقبل من النصارى قط صلحًا أو مهادنة ولم يقنع إلا بالنصر الكامل لذلك فهو أحق الناس بوصف 'المنتصر دائمًا' وبالقطع بعد 'خالد بن الوليد' رضي الله عنه وجيل الصحابة الأفذاذ، ومن أشهر معارك 'المنصور' ضد الصليبيين ما يلي:
* معركة شنت منكس: وكانت سنة 371هـ وفيها واجه 'المنصور' تحالفا صليبيًا مكونًا من أقوى أمراء الأسبان وهم 'راميرو الثالث' أمير 'ليون' وجرسيا فرنانديز' أمير 'قشتالة' و'سانشو' أمير 'نافار' وانتصر المسلمون على النصارى الذين قتل منهم عشرات الألوف وتفككت عرى التحالف الصليبي الوليد. * معركة برشلونة: وهي من أعظم ثغور أسبانيا وقد فتحها المسلمون الأوائل مع بداية الفتح الأول ولتثبت مع المسلمين قرنًا من الزمان ولكنها سقطت سنة 185هـ وأصبحت شوكة في جسد الأمة المسلمة بالأندلس حتى جاء 'المنصور' في سنة 375هـ واقتحمها بجيوشه الجرارة بعد معركة طاحنة مع أهل المدينة الذين قتل معظمهم ودحر المسلمون المدينة تمامًا وأسر أمير 'برشلونة' وظل في السجن حتى مات ودمر 'المنصور' قوى النصارى تمامًا في هذا الطرف النائي من شبه الجزيرة الأسبانية. * معركة جليقية: وهي أعظم المعارك على الإطلاق وتقع 'جليقية' في أقصى غرب أسبانيا وتوجد بها مدينة 'شنت ياقب' الدينية كعبة أسبانيا النصرانية ومزارها المقدس ورمز زعامتها الروحية وبها قبر القديس 'يعقوب' بزعمهم ويقام له سنويًا احتفالاً ضخمًا مثل الموالد المعروفة يفد إليه النصارى من كل حدب وصوب من داخل أسبانيا، وقد قصدها بجيشه الجرار لأمرين أولهما: أنها كانت ملجأ لملوك وأمراء 'ليون' الخارجين على طاعة 'المنصور'، ثانيهما: ضرب إسبانيا النصرانية في صميم معقلها القاصي وصميم زعامتها الروحية وبالفعل بعد معركة طاحنة ورحلة شاقة عبر مفاوز الجبال الوعرة وفي 2شعبان 387هـ اقتحم المسلمون المدينة وخربوها تمامًا مع عدم المساس بقبر 'يعقوب' القديس وأخذ 'المنصور' نواقيس الكنيسة العظمى وحملها الأسرى على كواهلهم حتى قرطبة وعلقت رؤوسًا للثريات الكبرى لمسجد قرطبة. * معركة صخرة جربيرة: وكانت في 24 شعبان 390هـ وفيها تحالفت كل قوى النصرانية من أجل الصمود في وجه المسلمين والتقى الفريقان عند مكان شديد الوعورة يسمى 'بصخرة جربيرة' وكاد 'المنصور' أن يهزم لأول مرة في معاركه ولكن بسالة المسلمين وشدة بأسهم في القتال أنهت المعركة بهزيمة مروعة للتحالف النصراني وقتل معظم قادة الصليبيين وواصل 'المنصور' سيره حتى فتح مدينة 'برغش' عاصمة 'قشتالة'.
* وفاة المنصور: إن من عاش على شيء وداوم عليه فلابد أن يموت عليه و'المنصور' قضى حياته كلها في الجهاد في سبيل الله فلابد أن يموت مجاهدًا وقد كانت تلك أسمى أمانيه حتى أنه كان يحمل أكفانه حيثما سار إلى غزوة وهي أكفان صنعت من غزل بنانه واشتريت من خالص ماله الموروث وقد استجاب الله دعاءه فوافته المنية في 27 رمضان سنة 392هـ بمدينة 'سالم' ودفن بها بعد أن دفن معه غبار كل معاركه التي خاضها في سبيل الله وكان يحتفظ بها طوال رحلته الجهادية الطويلة لأعدائها وتحقيقه أمنها ورخائها ولم يستخدم قط سلطانه إلا لخير الإسلام وخير الأمة،
وقد كتب هذان البيتان من الشعر على شاهد قبره : آثـاره تنبيـك عن أخباره حـتى كأنـك بالعيـان تــراه تالله لا يأتي الزمان بمثله أبدًا ولا يحمي الثغور سواه
[center] [center]أبطال سقطوا من الذاكرة [3] أعظم بحارة التاريخ خير الدين بربروسا
مفكرة الإسلام: إن من الأمور المبهجة حقًا والمحزنة في نفس الوقت أن ينوب أعداء الإسلام عن المسلمين في قراءة تاريخهم وتراث أمتهم فنجد أن كثيرا من كتب التاريخ والتراث والموسوعات الكبار قام بجمعها وترتيبها وإخراجها للحياة والعلن مجموعة من المستشرقين الذين في جملتهم ما قاموا بذلك حبًا في الإسلام والبحث العلمي، إنما قاموا بذلك للطعن في الإسلام والنيل منه وأهله؛ حيث يستطيع هؤلاء وبسهولة أن يزيفوا الحقائق التاريخية ويروجوا الأكاذيب ويضخموا الأخطاء ويبدوا المثالب؛ ثم يأتي المسلمون من بعدهم فيهتدون بعلمهم ويتبعون صنعهم ويصبحوا ببغاوات تردد نفس الأكاذيب والأباطيل الاستشراقية، وبطلنا الذي سنتحدث عنه واحد من كبار أبطال المسلمين الذين انهال عليه أعداء الإسلام طعنًا وتشويهًا وطمسًا حتى ضاعت ذكراه العطرة وبقيت الأوصاف الكاذبة تلوح في الذاكرة، وهذا أوان تصحيحها .
الأخوين 'عروج وخير الدين' : يرجع أصل الأخوين المجاهدين 'عروج وخير الدين' إلى الأتراك المسلمين، والدهما 'يعقوب بن يوسف' من بقايا المسلمين الأتراك الذين استقروا في جزيرة 'مدللي' إحدى جزر الأرخبيل وأمهما سيدة مسلمة أندلسية كان لها الأثر على الأخوين في توجيههما للجهاد في سبيل الله ضد الصليبيين الأسبان والبرتغاليين، وقد حاول المؤرخون الصليبيون وخاصة المستشرقين منهم الطعن في جهاد الأخوين ووصفهما بأنهما قراصنة ولصوص البحر وقد توصل المؤرخ الجزائري 'أحمد توفيق مدني' إلى ما يدل على صحة نسب الأخوين، والمحزن حقًا أن كثيرًا من المراجع الإسلامية المعاصرة وقعت في هذا الخطأ وسارت على نهج الأعداء ووصفتهما بالقراصنة.
جهاد الأخوين ضد الصليبيين: اتجه الأخوان عروج وخير الدين إلى الجهاد البحري منذ الصغر بدافع من والدتهما الأندلسية خاصة بعد السيطرة الأسبانية والبرتغالية على البحر المتوسط واحتلالهما لعدة مواني في شمالي أفريقيا وقد استطاع الأخوان أن يكونا مجموعة قتالية قوامها عدة سفن صغيرة لبحارة مسلمين؛ واستطاعت هذه المجموعة تحقيق عدة انتصارات رائعة على القراصنة الصليبيين الذين كانوا يعبثون في المنطقة فسادًا ويستولون على سفن المسلمين ويأخذونهم كأسرى وعبيد، فأثارت هذه الانتصارات إعجاب القوى المسلمة الضعيفة في شمال إفريقيا فأعطاهم السلطان 'الحفص' حق الإقامة بجزيرة 'جوبة' التونسية فزادت شعبية الأخوين بين مسلمي إفريقيا فاستجار بهم الأهالي عدة مرات للتصدي للهجوم الأسباني الصليبي فاستطاع الأخوين تحرير 'بجانة' سنة 918هـ من الاحتلال الأسباني لتكون محطة عمليات لإنقاذ مسلمي الأندلس.
تحالف الأخوين مع العثمانيين : يرجع تاريخ تحالف الأخوين 'عروج وخير الدين' مع العثمانيين إلى سنة 920هـ بعد تحرير ميناء 'جيجل' حتى شعر كل من الجانبين بأهمية التحالف فالأخوين وجدا أنهما يواجهان قوى منظمة تكبر يومًا بعد يوم وهم في حاجة لأسلحة حديثة وسفن قوية، والعثمانيون شعروا بأهمية الجهاد البحري ضد صليبيي أسبانيا والبرتغال لتهديدهما المباشر للمسلمين في الخليج العربي والهند بعد احتلال البرتغاليين لعدن ومدن أخرى في جنوب الجزيرة بنية التوجه للأماكن المقدسة بها ونبش قبر النبي . بعد فتح ميناء 'جيجل' حوصر الأخوان من كل جانب غربًا من حاكم الجزائر العميل 'سالم التومي' وشرقًا وجنوبًا من 'الحفصيين' العملاء للأسبان وشمالاً من أسطول الأسبان وفرسان القديس يوحنا؛ فأرسل الأخوان برسالة للسلطان 'سليم الأول' يشرحان الموقف وخطورته فأرسل إليهما أربعة عشر سفينة حربية مجهزة بالعتاد والجنود، حيث كان لهذا المدد أثره الكبير في انتصار 'عروج وخير الدين' على حاكم الجزائر وقتله.
استشهاد 'عروج': كانت مدينة 'تلمسان' ذات موقع استراتيجي مؤثر على مقاليد الحكم بالجزائر، وكان الأسبان محتلين للبلد ويعملون على إثارة القلاقل على الأخوين بالجزائر فقررا تحرير المدينة وإعداد جيش كبير سنة 923هـ للمهمة وبعد أن نجحا بالفعل في السيطرة علي المدينة تمكن الأسبان بالتعاون مع بني حمود الخونة أن يستعيدوا المدينة، وأثناء الحصار والقتال استشهد 'عروج' وأخ له اسمه [إستاق] وكثيرون من رجال الأخوين، وتركت تلك الحادثة أثراً بالغا على 'خير الدين' الذي قرر أن يشن حربا ضروسًا ضد الصليبين أينما كانوا خاصة الأسبان منهم .
الجزائر ولاية عثمانية وقائدها خير الدين: شعر أهل الجزائر بشدة الموقف وخطورته في ظل كثرة التهديدات الخارجية وضعف السلطة المحلية وارتماء الكثير منهم في أحضان الصليبيين فصاروا لهم عبيدًا ولدينهم وأمتهم خونة ومارقين، فاجتمع زعماء البلد وقرروا إرسال رسالة هامة للسلطان 'سليمان الأول' الذي خلف أباه السلطان 'سليم الأول' يطلبون فيها إخضاع الجزائر للسيادة العثمانية، وحاول 'خير الدين' أن يذهب بنفسه للقاء السلطان ولكن أهل البلد توسلوا إليه ألا يغادر البلد خوفًا من هجوم الصليبيين، فنزل عن رغبتهم وأناب بالرسالة الفقيه 'أبا العباس أحمد بن قاض' وكان من أكبر علماء الجزائر، ولم يفت أهل الجزائر أن يثنوا على 'عروج' في مدافعته للصليبيين ونصرة الدين والجهاد حتى الشهادة وكانت فحوى الرسالة ترتكز على عدة مطالب منها: [1] ضم الجزائر للسيادة العثمانية وتم ذلك ابتداءًا من سنة 926هـ. [2] تعيين 'خير الدين' قائدًا عليهم. [3] إقامة سوق الجهاد بتلك البلاد ضد صليبي أسبانيا والبرتغال. فاستجاب السلطان لتلك المطالب وعين 'خير الدين' قائدًا على البلد وأرسل فرقًا من الانكشارية وأذن لمن شاء من رعاياه المتطوعين للجهاد بالذهاب للجزائر مع منحهم نفس امتيازات الجند النظاميين.
جهود 'خير الدين' لنصر الدين: كان أمام 'خير الدين' الكثير من الأعمال التي يجب أن يقوم بها وكان عليه أن يحارب على جبهتين: * الجبهة الأسبانية الصليبية المتمركزة في عدة جيوب بالجزائر مثل 'عنابة' و'قالة' و'حصن بنيون' وقد استطاع 'خير الدين' بفضل الله عز وجل أن يقضي على تلك الجيوب ويطهر البلد من بقايا الصليبين وذلك سنة 936هـ . * الجبهة الداخلية العميلة والخائنة ممثلة في مؤامرات أمراء بنى زياد والحفصيين وغيرهم من القبائل الصغيرة التي تقوم على مدد صليبي وعون خارجي وتعمل على الحيلولة من توحيد الصف في المغرب الأوسط، وكان ملك الحفصيين الممتد منذ أيام دولة الموحدين قد ترهل وكثرت المنازعات والخلافات الداخلية بينهم حتى مزقت تلك الأسرة ولجأ أحد أمرائها واسمه 'الرشيد' إلى 'خير الدولة' لمساعدته ضد أخيه السلطان 'الحسن بن محمد' فوجدها 'خير الدين' فرصة مواتية للقضاء على تلك الأسرة المشئومة على البلاد؛ فأرسل 'خير الدين' للسلطان 'سليمان' يعرض عليه فكرة ضم تونس للسيادة العثمانية فوافق وأرسل إليه الأسطول العثماني كله، وتوجه الجميع لتونس ففر منها سلطانها الخائن 'الحسن بن محمد' ودخل أسبانيا وعمل على جعل الإمبراطور 'شارلكان' يحتل تونس مرة أخرى ليعيده سلطانًا على رقاب العباد، وهكذا نرى أن الخونة يبيعون دينهم وأمتهم وأرضهم وعرضهم في سبيل ملك زائل ودنيا فانية وسلطان خادع، والذي يقرأ ما تعهد به الخائن 'الحسن بن محمد' لـ'شارلكان' حال مساعدته في احتلال تونس يتضح له حجم الخيانة حيث تعهد الخائن بما يلي: [1] أن يسلم 'الحسن' عدة مدن كبيرة منها المهدية و'بونة' لـ'شارلكان'. [2] أن يكون مساعدًا حليفًا لفرسان القديس يوحنا أعدى أعداء المسلمين. [3] أن يناصب العثمانيين العداء ويعمل على حربهم في بلاد الجزائر والمغرب. [4] أن يتحمل نفقات إقامة ألفي جندي أسباني يتركون بالبلاد كحامية بالبلد. وبالفعل حشد 'شارلكان' أسطولاً جرارًا قاده بنفسه ولم يتمكن 'خير الدين' من رد عاديته فاحتل 'شارلكان' تونس سنة 942هـ وارتد 'خير الدين' راجعًا إلى الجزائر وهو ينوي رد الصفعة لـ'شارلكان'. * قرر 'خير الدين' الرد على ضربة تونس بضربة أشد منها وجيعة فقام بالهجوم على جزر البليار الأسبانية والبرتغالية وكانت محملة بالذهب والفضة والعبيد وأخذ الكثير من النصارى عبيدًا وسبايا، واهتزت لتلك الضربة كل نواحي أوروبا، وشعر 'شارلكان' أن قوة 'خير الدين' مازالت قائمة، ونظرًا لتلك الانتصارات الرائعة قرر السلطان 'سليمان الأول' تعيين 'خير الدين' وزيرًا للبحرية العثمانية في كل البلاد واستدعاه لاستنبول لتلك المهمة ونقل 'خير الدين' نشاطه للجبهة الشرقية من البحر المتوسط. * أصبح 'خير الدين' شبحًا ورعبًا يشغل عقول الصليبيين في أوروبا وأسبانيا لفترة طويلة واستولى على تفكيرهم حتى إذا تحركت ريح أو سمع صوت قالوا إن 'خير الدين' قادم ويعلوا صراخهم وعويلهم ويفر السكان من ديارهم ومتاجرهم ومزارعهم حتى إذا حطمت العواصف سفنهم نسبوا ذلك إلى 'خير الدين'، وبلغ الخوف مداه حتى إذا ما وقعت سرقة أو تخريب أو حتى مرض ووباء نسبوا ذلك إلى 'خير الدين' وجنوده.
'خير الدين' قائد الأسطول العثماني: * عين السلطان العثماني 'سليمان الأول' القائد 'خير الدين' قائدًا عامًا على الأسطول العثماني ونقله للعمل في الجهة الشرقية من البحر المتوسط للقضاء على نفوذ أسبانيا و'شارلكان' وقد دخل 'سليمان' في حلف مع فرنسا العدوة اللدودة لأسبانيا وجعل 'خير الدين' مدينة 'مارسيليا' قاعدة لعملياته وصار قائدًا عامًا للأساطيل المشتركة بين العثمانيين وفرنسا وقام بتوجيه ضربات للوجود الأسباني بالمنطقة وأسر كثيرًا من الأسبان وباعهم رقيقًا وتداولتهم أيدي الناس حتى صاروا بأبخس الأثمان لكثرتهم.
وفاة 'خير الدين': * ظل 'خير الدين' ناصبًا لسوق الجهاد في سبيل الله في البحر المتوسط وخضد شوكة 'شارلكان' والأسبان وقاد كثيرًا من الحروب ضد الصليبيين حتى صار كابوسًا يؤرق مضاجع أعداء الإسلام وحفظ لنا التاريخ العديد من مواقفه البطولية التي توضح البعد الإيماني في جهاده؛ فعندما حاصر 'شارلكان' الجزائر بعد استشهاد 'عروج' خرج 'خير الدين' بكل حزم وعزم وقرأ على جنوده قوله عز وجل: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}، ثم قال: إن المسلمين في المشرق والمغرب يدعون الله بالتوفيق لأن انتصاركم انتصار لهم وإن سحقكم لهؤلاء الجنود الصليبيين سيرفع من شأن المسلمين وشأن الإسلام. * وظل 'خير الدين' مجاهدًا حتى آخر لحظة في حياته حتى آتاه اليقين وتوفاه الله على فراشه حتف أنفه سنة 953هـ رغم أنه ظل طوال حياته مجاهدًا وقد استشهد أخوه فلا نامت أعين الجبناء.
أبطال سقطوا من الذاكرة [4] مجاهد العامري ? أسطورة البحر المتوسط
فتنة الأندلس: عاشت دولة الأندلس أياما سعيدة تحت الحكم الموحد للخلافة الأموية التي أسسها عبد الرحمن الداخل الملقب بصقر قريش منذ سنة 138 هـ، وظلت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها من كل مكان حتى آل الأمر للتفرق وفساد ذات البين واقتتال المسلمين فيما بينهم على الحكم، وسقطت الخلافة القوية وسقطت معها وحدة المسلمين وقوتهم وتحول جسد الأمة المسلمة الكبير في الأندلس إلى أشلاء ينتهب منها كل طامع نهبته ويقضم من أجزائها قدر ما يستطيع من الأراضي والبلدان. وكانت قواعد الأندلس الشرقية عند الفتنة من نصيب الفتيان العامريين موالي القائد العظيم 'المنصور بن أبي عامر'، وكان معظم أولئك الفتيان من الصقالبة من أصول أجنبية [ألمان وفرنسيين وإيطاليين ومن أهل البلقان] حيث يؤتى بهم وهم أطفال، ويربون في البلاط تربية إسلامية خالصة.
من هو مجاهد العامري؟ هو أبو الجيوش 'مجاهد بن يوسف بن علي' الملقب بـ'مجاهد العامري' نسبة إلى أستاذه ومعلمه الأول 'المنصور بن أبي عامر' والذي اعتنى به عناية خاصة لما رآه فيه من خلال وصفات باهرة من قوة وشجاعة إلى نسك وورع وتضلع في علم اللغة والقرآن؛ وهي صفات رشحته لأن يكون واليا على حكم 'دانية' ومنطقة الجزائر الشرقية، وظل عليها واليا حتى اضطرمت الفتنة بالأندلس بعد وفاة المنصور بن أبي عامر وما تبعه من سقوط الخلافة الأموية التي كان مجاهد العامري من أشد مؤيديها، فرأى مجاهد أن من المصلحة أن يستقل بحكم منطقة الجزائر الشرقية ويبحث عن رجل من بني أمية ينصبه خليفة للمسلمين على أمل إحياء الخلافة الإسلامية من جديد بالأندلس، ووجد ضالته في رجل من أهل العلم يلقب بـ 'المعيطي' وينتسب إلى بني أمية، وبالفعل نصبه خليفة على المسلمين بشرق الأندلس عام 405 هـ .
صفات مجاهد العامري : كان مجاهد العامري نسيجا منفردا حيث جمع بين كثير من الخصال والصفات الحميدة وذلك في مجالات شتى؛ فهو بطل شجاع من أعظم فرسان عصره لا يباريه في المبارزة والرماية إلا القليل، يباشر القتال بنفسه وكثيرا ما كان يخرق صفوف العدو أثناء القتال، وكان لا ينضم لكتيبته الخاصة إلا أعظم الفرسان . وفي التجارة كان مجاهد من أذكى ملوك الطوائف وأعلمهم بالشئون المالية والتجارية، وأنشأ أسطولا من السفن التجارية حقق من ورائه ثروة طائلة أحسن استغلالها في زيادة قوة ومناعة وعمران شرق الأندلس . ولكن أعظم صفات مجاهد العامري كانت تتمثل في حبه للقرآن وعلوم القراءات والتفسير واللغة العربية؛ فقد كان مجاهد رغم أنه من الموالي إلا أنه شديد العروبة محبا للقرآن منذ صباه، صيتا به، معنيا بعلومه؛ حتى صار في المعرفة نسيج وحده، وجمع من كتب العلم خزائن جمة، فأمه جل العلماء وأنسوا بمكانه، وخيموا في ظل سلطانه؛ فانتشر العلم في دولته وقصده أكبر العلماء في القرآن واللغة أمثال 'أبو عمرو بن سعيد الداني' صاحب القراءات الشهير و'أبو عمر بن عبد البر' صاحب كتاب الإجماع، و'ابن معمر' اللغوي، و'ابن سيده' صاحب كتاب المحكم، وغيرهم كثير حتى فشا العلم بين الجواري والغلمان وصارت الجزائر الشرقية منارة العلم والقرآن بالأندلس .
مجاهد أسطورة البحر المتوسط: كان مجاهد العامري من أعظم بحارة الإسلام في هذا العصر ومن أكثرهم تمرسا بالحروب والغارات البحرية حتى أصبح أسطورة البحر المتوسط وأحيطت شخصيته في المراجع الأجنبية بالكثير من الخيال والروعة، بل إن تفاصيل حملاته البحرية على أوروبا نجد ذكرها في المراجع الإيطالية واليونانية، ولا نجد لها ذكرا في المكتبة الإسلامية، وقد أطلق عليه المؤرخون الغربيون اسم 'موجيتوس' وهو اسم كان كفيلا أن يلقي الرعب والفزع في قلوب سكان إيطاليا وفرنسا لفترة تزيد عن ثلاثين سنة، وكانت غزوة جزيرة 'سردانية' هي أعظم معاركه وغزواته البحرية، والسبب الرئيس كان لشهرة مجاهد في أوروبا وحوض البحر المتوسط الغربي .
غزوة جزيرة سردانية [ربيع الثاني 406 هـ ] بينما كانت دول الطوائف الأخرى تخوض غمار المنازعات والحروب المحلية الصغيرة، كان مجاهد العامري يفكر في مشروع ضخم ربما كان أعظم مشروع فكر فيه أمير من الأمراء في دولة الأندلس، ذلك هو غزو جزيرة سردانية وفتحها، وقد كان مجاهد زعيما قوي النفس خبيرا بحريا يرى أن إمارته الساحلية وأملاكه البحرية تقتضي أن يكون اعتمادها في القتال على الأساطيل قبل كل شيء، فاهتم بتقوية الأسطول فجدد دار الصناعة القديمة التي كانت بدائية واستكثر من شراء السفن والمعدات الحربية حتى صار عنده خلال فترة وجيزة أقوى أساطيل البحر المتوسط، واستعد لمشروعه الخطير، فحشد أسطولا قوامه مائة وعشرين سفينة مشحونة بالأبطال والعتاد الحربي، وأقلعت الحملة البحرية من 'دانية' في ربيع الأول سنة 406 هـ [أغسطس 1015 م] وكانت جزيرة سردانية موضع اهتمام المسلمين منذ فتح الأندلس وقد غزاها المسلمون عدة مرات سنة 711 م، 752 م، 813 م، 816 م، 817 م، 838 م بيد أن هذه الحملات كلها كانت عارضة لا تخطط للبقاء بالجزيرة، وكانت هذه الجزيرة تحت حكم الدولة البيزنطية ثم حكم الإفرنج ولكنها كانت مستقلة ذاتيا يحكمها قادة محليون، وكانت طبيعتها الوعرة وشجاعة أهلها الجبليين واعتزازهم بحرياتهم مما يعاون على دفع الغزاة ورد الحملات الغازية العارضة . كانت حملة مجاهد العامري على جزيرة سردانية كبيرة قوية تخطط للبقاء بالجزيرة وإقامة سلطان الإسلام فيها بكل عزم وقوة، ووصلت الحملة إلى الجزيرة بعد ثمانية أيام ورست في خليج كالياري في جنوب الجزيرة ثم انساح الغزاة المسلمون إلى داخل الجزيرة بمنتهى القوة كالسيل الهادر ووقعت بينهم وبين أهل الجزيرة معارك دموية قتل فيها جمع غفير في مقدمتهم قائد الجزيرة 'مالوتو' وأسر المسلمون جموعا غفيرة وأصبحت الجزيرة تحت حكم المسلمين . شرع مجاهد في توطيد وضع المسلمين بالجزيرة فأنشأ بها مدينة واسعة ونقل أهالي المجاهدين والمسلمين الفاتحين إليها واستقدم هو زوجته وولده الوحيد عليا وباقي أسرته . كان لهذه الغزوة الجريئة رد فعل عنيف وقوي لدى ال | |
|
بنت الشيوخ الداخلية عضو جديد
عدد المساهمات : 44 تاريخ التسجيل : 24/12/2010 العمر : 33 الموقع : الداخلية
| موضوع: رد: أبطال سقطوا من ذاكره التاريخ الجمعة ديسمبر 24, 2010 1:46 pm | |
| يسلمووووو على الطرح الرائع معلومات رائعه بس خط صغير | |
|